الاثنين، 8 أغسطس 2011

حلم يقظة

أتخيله ينتظرني - قبل موعد عملي بساعة - أمام بيتي ، وما أن يراني حتى يخرج من سيارته حاملاً في يده كوباً من الشوكولا التي أعشقها ، وقبل أن يناولني إياه يحتضنني ويطبع قبلة دافئة على رقبتي لا أشعر بعدها بحرارة الشوكولا التي تلسع لساني.

أراني أرتب له أجندته وأعطيه الأوراق التي طلب مني مساعدته في تنضيدها يوم أمس ؛ أواصل التحديق في تفاصيله وكأنني بذلك أشحن قلبي وعقلي وروحي منه كي تعينني هذه التفاصيل على إجتياز يوم عملي الروتيني.

قبل أن يوصلني الى محل عملي ، أطلب منه أن ينظر إليّ لإحاول أن أضبط ربطة عنقه بإحكام رغم علمي أنه ضجر منها ، أضع له نفحاتٍ من عطره الفرنسي وأرش قليلاً منه على معصمي وأخاطبهما كلاهما العطر وصاحبه : أ عشقتك يا عطر لأنه يذكرني بك أم لأنك تذكرني به .. لا أعلم.

يقف أمام البناية .. نتبادل قبلتين على الوجنتين والثالثة بينهما .. وكلمتين (إهتم بنفسك .. وأنت أيضاً) ، أنزل من السيارة وابقى ملوحاً له الى أن تغيب سيارته كنقطة في الأفق.

ست ساعات من العمل الذي لا ينتهي .. لكن هناك إستراحات فيه تجعلني أعيش كأنني في جنة .. إستراحات ليست من جزء العمل إنما هي الأوقات التي أستمع فيها له .. وأتحمس معه وهو يحكي عن مشروعه الجديد الذي إستلمه .. وأفرح معه وهو يخبرني بكل لغة نعرفها أنه         " يُحبني " .. وأضحك معه وهو يلقي علي آخر النكات التي سمعها من أصحابه .. وأحزن معه وهو يقول أنهم يسألونه عن (صاحبة) الخاتم الذي يطوق بنصره الأيسر .. وهو يتمنى أن يقول للجميع بأنني أنا (صاحب) ذلك الخاتم.

أرجع الى بيته أحياناً لأجده قد سبقني لأعداد الطعام ، وأحياناً أخرى أكون أنا من يصل أولاً وأبدأ بالتحضير الى حين وصوله ، وبعد أن نقضي كل نهارنا وجزءاً من ليلينا معاً بين تلفازٍ وتسوقٍ وإستعدادٍ لأعمال يوم غد تتخللها ضحكاتٍ وهمساتٍ وأخبار .. حينها يأتي وقت الوداع ، وبين أحضانٍ وقبلاتٍ ودموع يوصلني الى باب بيتي وأستودعه الله وأدخل.

أجد عائلتي قد إجتمعت حول مائدة العشاء ، و والدتي تقول : حماتك تحبك ، فأبتسم لهذه الجملة .. وبعد أن أستبدل ملابسي وأغسل وجهي ويديّ .. أجلس معهم وأشاركهم آخر أخبار عملي ومشاريعي .. وحينما يسألونني عن "صديقي" .. أكتفي بالأجابة : أنه بخير والحمد لله.

و في المناسبات حينما تجتمع عائلتي الكبيرة -من جهة أبي ومن جهة أمي- ويُفتح موضوع زواجي ومتى حينه ، أجيبهم بأنني لم أقف لحد الآن على قدميّ وبأنني أطمح الى أن آخذ شهادة الدكتوراه بمجال إختصاصي .. لأنني لا أستطيع أن اخبرهم بحلمي الحقيقي .. فأهلي رغم حبهم لي وتفهمهم لطريقة عيشي لكنهم إعتادوا أن يروا الأمور بالصيغة التي يفرضها عليهم المجتمع ، لذلك لن أجرؤ على قول أنني مغرم ب"صديقي" و بإننا مرتبطان معاً .. وبأننا نفكر بأن نسكن في بيت كبير يجمعنا .. وأن يكون لدينا طفلين جميلين يثريان علينا حياتنا.

ليس في يدي سوى أن أتخيل .. فكل الأنتصارات التي حدثت .. كانت يوماً ما خيالاً.
تحياتي